مجلس المدونة وعمله في تعزيز الترابط في المجتمع السوري

مجلس المدونة وعمله في تعزيز الترابط في المجتمع السوري

ليس للمواطنة علاقة بنظام معين، إنما هي انعكاس أشخاص تجمعهم هوية واحدة وقواسم مشتركة تنعكس على حياتهم اليومية وتبعث فيهم روح تنبذ كل الفوارق والاختلافات، أو على الأقل تعمل على تقليصها. ونحن كمواطنين سوريين عانينا تحت كافة الأنظمة التي مرت على سوريا، وخصوصاً من العام ١٩٥٨، لأن الواقع الذي خلقته هذه الأنظمة قد تسبب في تطور حالة من حالات الشرذمة القومية والتفرقة الطائفية أو المذهبية، وظهور فوارق طبقية أفقية في المجتع الواحد وعامودية خصوصاُ بين الريف والمدينة.

 

وهنا تكمن مسؤولية أعضاء مجلس المدونة السورية. إذ أنه ورغم كل الصعوبات فقد التقت مجموعة معروفة بانتماءاتها الوطنية الخالصة للمجتمع السوري، وقررت، وبمساعدة الأصدقاء الأوروبيين أن تلتقي وتنبذ كل الفوارق التي تسببت فيها طريقة الحكم السابقة، ساعية لحمل المجتمع والدولة السورية نحو بناء مدني ديمقراطي حديث متطور. وعلى الرغم من فوارق الثقافة والانتماء ومن الخلافات في المواقف حول ما حصل في سوريا، فقد حاول المشاركون جميعاً خلق أرضية مشتركة تاركين وراءهم كل الأحقاد والتفاصيل والجزئيات المعيقة لتطبيق كل ما جاء من بنود مدونة السلوك لعيش سوري مشترك، والتي قاموا بالاتفاق عليها، على الرغم من معرفتهم بصعوبة تنفيذ مبادئها. إذ أن هدفهم الأكبر هو رسم ملامح مرحلة جديدة تمهد لنظام جديد يستجيب لكل مطالب الشعب السوري بشتى مكوناته وفئاته. ما لا يمكن إنكاره هنا هي الخلافات بين المجتمعين لدى طرح الأسباب التي أدت بسوريا إلى هذا الوضع. وما يجب التأكيد عليه بأن الجميع قد تخطاها وقاموا برسم خطة للعيش المشترك تهدف بالدرجة الأولى إلى الديموقراطية والمساواة من خلال دعم المجتمع المدني السوري لتحرير نفسه من العقد والتطرف.

 

على أنه يجب القول بأن بعض المفاهيم لم تناقش إلا بشكل عرضي دون حسم، كمفهومي اللامركزية أو الفيدرالية، لأن الوصول إلى تفاهمات بخصوص ذلك يتطلب جهداً أكبر لترسيخ تلك المفاهيم في أذهان بعض فئات المجتمع السوري. وهنا يأتي على سبيل المثال مفهوم الفدرالية أو اللامركزية الجغرافية أو المحلية، والتي تستجيب بالدرجة الأولى لمتطلبات الناس الذين يعيشون في جغرافيا واحدة. قد يكون في المفهوم الجغرافي حل لإشكاليات الأقليات من كل الاعراق والمذاهب على اختلافها. وبرأي، بأن مجرد طرح ونقاش هذه الفكرة بشكل صريح قد يعني بداية مرحلة جديدة للبناء والإصلاح ونبذ كل ما هو متطرف.

 

بغض النظر عن عدم الخوض في تلك النقاشات التقنية، فإنه وبعد مضي هذه الفترة من الزمن، أي منذ توقيع المدونة وتشكيل مجلس المدونة إلى اليوم، فقد وصلنا إلى قواسم مشتركة كثيرة مقارنة مع ما كانت عليه الحال في بداية الاجتماعات. والدليل على ذلك بأننا عندما نناقش فكرة ما في اجتماعاتنا، فإنها غالياً ما تناقش بصورة كاملة من الجميع بغض النظر عن انتمائه، حتى أننا لم نعد نميز من هو صاحب الطرح أو الفكرة، هل ينتمي إلى الداخل أو إلى الخارج السوري. وهذا يعني بالتالي بأن أفكارنا تلتقي عند هدف واحد وهو تخليص السوريين أينما كانوا من الوضع المزري الذي وصلوا له، أي أننا وباختصار نريد بناء نظام ديمقراطي مدني جديد فيه استجابة لكل مواطنين سوريا بشتى مكوناتهم، إذ أننا ندعو أولاً وأخيراً إلى سوريا متحدة شعبًا وأرضاً بكل مكوناتها.

أترك تعليقا

إرسال اشترك في النشرة الإخبارية

احصل كل أسبوع على آخر وأهم تحديثاتنا على عنوان بريدك الإلكتروني.

اشترك

إرسال اشترك في النشرة الإخبارية

احصل كل أسبوع على آخر وأهم تحديثاتنا على عنوان بريدك الإلكتروني.

اشترك