حال السوريين في نهاية عام آخر من الأزمة

حال السوريين في نهاية عام آخر من الأزمة

كثرت الأخبار السياسية في نهاية العام حول تقارب تركي سوري. كما حمل منتصف العام أيضا أخباراً حول احتمالات لتقارب عربي مع سوريا. وكذلك انطلقت العديد من التحليلات السياسية لتقول بإمكانية حضور سوريا لاجتماع الجامعة العربية، وذلك بالتوازي مع التأكيد على ضرورة موافقة السعودية على إعادة انضمام سوريا إلى الجامعة. على أن كل هذه الأخبار تبقى في إطار السياسة والإعلام.

وفي حالة التفاوض السياسي على حل، عادة ما يحمل هذا النوع من الأخبار نوعا من التضليل، وذلك لعدة أسباب منها: السياسة تتغير والأحلاف تختلف بين ليلة وضحاها، وقد رأينا التغير الكبير مثلاً حتى في السياسة التركية بين عامي 2011 و2022؛ وأما السبب الثاني هو أن السياسة تمسّ بالدرجة الأولى القيادات العليا البعيدة عن واقع الشعب، هو ما يعني بأنه على معظم الناس الانتظار طويلا ريثما ينتقل التغير نحو الأفضل من الطوابق السياسية العليا إلى من يقطنون في قاع المدن من الشعوب. ومصطلح الشعب يتحول عادة إلى مجرد دعاية تجارية لمن يعملون في السياسة.

ولذلك وبناء على ماورد أعلاه لا سبيل لنا نحن السوريون إلا العمل على تغيير النظرة السائدة حول عدة قضايا. فليس من السهل أن تتغير الأحوال، ولذلك عادة ما يكون من  الأكثر جدوى أن نغير نظرتنا تجاهها. فها نحن السوريون عاماً بعد عام يتناقص عدد المجتمعين على طاولاتنا الأسرية في رأس السنة، ليس لأن الحياة لا تقيم في منازل الأمس بل لأننا تهجرنا وتشتتنا وأصبحنا ضائعين. هذا الضياع يحتمل أن يطول ويستمر ويتعاظم إن لم نعرف أن الحل اليوم هو الالتمام حول الوجع والتعاون جميعا فيما بينننا، مع إهمال لا بل وتعمد إهمال كل ما يحيط بنا من برد مناخي ناجم عن الوضع الاقتصادي السيء في الداخل، والبرد العاطفي الناجم عن ابتعاد من في الخارج عن وطنهم الأم، والبرد السياسي الناجم عن طول المفاوضات التي لم ولن يصلنا منها إلا هذا الصقيع. بالفعل، لا سبيل لنا سوى التعاون والتكاتف والتعاضد بالحب والمال، فلن ينقذ سوريا سوى السوريين. فإن مضت السنوات السابقة ولحقتها السنوات الحالية دون أن نفهم الدرس جيداً، فسنمضي في مزيد من المحن إلى المالانهاية.

ولعل الحامل لفكرة الإنقاذ هو المجتمع السوري وقياداته. فالقيادات الاجتماعية السورية هي أفضل من يعي حجم الأزمة وتأثيرها على نفوس السوريين من جهة، وأقدر من يستطيع تفعيلهم باتجاه العمل المشترك من أجل إيجاد حل من جهة أخرى. على أن النقاش الدامي الذي دار ويدور بين السوريين حول شكل الحل والذي أظهر ويظهر التخندق خلف آليات وقوالب ثابتة لن يصل بسوريا إلى بر الأمان. ما يحتاج له العمل الاجتماعي المشترك في سبيل إيجاد الحل هو التفكير خارج الصندوق. وما يجب على القيادات الاجتماعية الحث عليه هو ضرورة التفكير بهذا الاتجاه. وإذا كانت نظرة السوريين على أن حل القضية السورية يمكن أن يكون في موسكو، واشنظن، أنقرة، طهران أو الرياض أكثر منه في دمشق أو في مفاوضات جنيف، فإن أقل ما يمكن أن يقوم به السوريون تحت هذه الظروف هو وضع الخطوط العريضة لتصورات حل ممكن. هذا ما يمكن على الأقل أن يذكر العواصم المذكورة بضرورة التحرك باتجاه حل شامل للمعضلة السورية.

أترك تعليقا

إرسال اشترك في النشرة الإخبارية

احصل كل أسبوع على آخر وأهم تحديثاتنا على عنوان بريدك الإلكتروني.

اشترك

إرسال اشترك في النشرة الإخبارية

احصل كل أسبوع على آخر وأهم تحديثاتنا على عنوان بريدك الإلكتروني.

اشترك